التخطي إلى المحتوى

تحوّل الرسم على الجدران، أو فن «الغرافيتي»، في المغرب، خلال السنوات القليلة الماضية، من مجرد رسوم عشوائية على جدران المباني إلى متنفس يفسح المجال أمام الهواة والمحترفين على السواء لإظهار مواهبهم، وفي الوقت ذاته أداة لنشر الجمال، وبعد أن كان حكراً على الأحياء الشعبية والعشوائية، باتت جدران الأحياء الراقية تتزين به وبلمسته الجمالية.

وأصبحت الجدران، سواء الشاهقة أو العادية، في عدد من المدن المغربية، مثل الرباط وسلا والدار البيضاء وطنجة، مزينة بلوحات عملاقة، تعبّر عن توجه جديد في الفن والمعمار المغربي الذي يطمح إلى الحداثة وآفاق أرحب.

وقال مراد راشندالي، أحد أشهر فناني الجداريات في مدينتَي الرباط وسلا: «هناك دافع شخصي يحثني على أن أرسم فوق الجدران الفارغة الميتة، لأحولها بلمسة إلى جدران فنية تنبض بالحياة»، وتستحضر رسوم راشندالي في معظمها شخصيات ونماذج من التراث أو أخرى طواها النسيان، مثل شخصية «الكراب»، أو ساقي الماء المغربي التقليدي بزيه المزركش وقربته الجلدية، وهي مستلهمة بشكل رئيس من أفكار الفنان، وبعضها تقترحه الجهات المنظمة للفعاليات الفنية أو المشرفة عليها، وقال إسماعيل نوح، الذي يرسم الجداريات في حيِّه الشعبي وسط الرباط ويعمل في الوقت ذاته موظفاً، إن هذا الفن «تصالح مع ذاته ومع الجمهور، عندما خرج من الإطار الذي كان يعتبر تخريبياً ليدخل مجال الفن الهادف والراقي، ويحاول أن يضفي لمسة من الجمالية على أحياء المدينة».

وقال مسؤول في مجلس مدينة الرباط، طلب عدم نشر اسمه: «السلطات فكّرت في الأمر بجدية لتنظيم هذا الفن وتقنينه وتعميمه على مختلف أحياء المدن، سواء منها المهمشة أو الراقية، خصوصاً أن هذا الفن أصبح قائماً بذاته، وله محبوه ورساموه، ونحن ننفتح على الفنانين المغاربة ومن مختلف دول العالم في هذا المجال»، وفي إطار الاهتمام المتزايد بفن «الغرافيتي»، حرص المغرب على تنظيم مهرجان يجذب مشاركات من الداخل والخارج، ليكون مناسبة سنوية تساير مثيلتها في أنحاء العالم، وتسلط الضوء على هذا التوجه التعبيري الآخذ في النمو.