في يوم الاثنين 12 أبريل/نيسان 2021 دهمت مجموعة من رجال الشرطة في نيويورك أحد المباني السكنية في حي مانهاتن الراقي، مصحوبة بكلب آلي يزن نحو 32 كيلوغراما مزود بأضواء وكاميرات. وعندما خرجت الشرطة من المبنى وشاهد الناس الكلب الروبوت، أصيب الكثير منهم بالذعر واعتبروه مثالا على عنف الشرطة.

وفي 22 أبريل/نيسان من العام نفسه واستجابة لمخاوف الناس، أنهت شرطة نيويورك عقد إيجار هذا الكلب الروبوت البالغ 94 ألف دولار مع شركة بوسطن دايناميكس (Boston Dynamics) الصانعة له.

ويرجع الخبراء ذعر الناس إلى العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي أبرزت الكلاب الروبوتية كأشرار يطاردون ضحاياهم كالكلب الذي ظهر في حلقة ميتالهيد (Metalhead) من المسلسل التلفزيوني المرآة السوداء (Black Mirror)، الذي بثته نتفليكس (Netflix) للمرة الأولى عام 2017، حيث يقتل هذا الكلب الروبوت أكثر من شخص، ثم يطارد البطلة بيلا (Bella) مزودا بأسلحة مدعومة بتقنية ليدار (LiDAR) لتحديد إحداثيات الهدف بإرسال أشعة ليزرية.

لم تنتهِ قصة الكلاب الروبوتية عند هذا الحد، فبعد أقل من عام بدأت إدارة الإطفاء في مدينة نيويورك باستخدام الكلب الروبوت “سبوت” (Spot) من شركة بوسطن دايناميكس للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ الصعبة، في تطبيق أقل إثارة للجدل بكثير من استخدام شرطة نيويورك لهذا النوع من الكلاب أثناء المداهمات.

وقبل عدة شهور أحضر الحرس الوطني الجوي لمدينة بورتلاند كلبا آليا للمساعدة في الأمن، لديه القدرة على المراقبة بالفيديو بالإضافة إلى القيام بدوريات أرضية في مناطق وعرة والقفز فوق الأشياء التي تعترضه في الطريق، ومزود ببطارية تدوم 7 ساعات. ويتم التحكم بهذا الكلب الروبوت عن بعد من قبل الفنيين، لكن يجري العمل حاليا على إعداده بحيث يتمكن من المبادرة والتحكم بنفسه دون توجيه من البشر.

وتختبر الولايات المتحدة حاليا كلبا روبوتيا تنوي استخدامه لحماية حدودها مع المكسيك والحد من تسلل المهربين والإرهابيين والمهاجرين غير الشرعيين.

ويبلغ وزنه هذا الكلب الروبوت 45 كيلوغراما ويستطيع اجتياز جميع أنواع التضاريس، فضلاً عن البيئات التي شيدها الإنسان مثل السلالم. يمكن إضافة العديد من الأجهزة إلى هذا الروبوت كالكاميرات الحرارية، ومناظير الرؤية الليلية، وأجهزة استشعار كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية.

وأنفقت شرطة هونولولو، عاصمة ولاية هاواي، نحو 150 ألف دولار لشراء كلاب روبوتية للدخول إلى المخيمات الخاصة بالمشردين وإجراء فحوصات لدرجات حرارة أجسامهم، وذلك للتأكد من خلوهم من الأمراض، خاصة فيروس كوفيد-19.

الكلب الروبوت فيجين 60 من شركة غوست روبوتيكس (غوست روبوتيكس)

الكلاب الروبوتية خارج الولايات المتحدة

لم يقتصر استخدام الكلاب الروبوتية في المجالات الأمنية على الولايات المتحدة، بل امتد ليشمل العديد من البلدان المتقدمة.

ففي 29 مارس/آذار الماضي، وفي حين كانت شوارع مدينة شنغهاي مقفرة بسبب الإغلاق الناجم عن انتشار كوفيد-19 من جديد، فوجئ السكان بروبوت على شكل كلب يجوب شوارع المدينة ويذيع التعليمات التي يتوجب على السكان اتباعها لتجنب هذا الفيروس كغسل الأيدي وارتداء الأقنعة.

وجاءت ردود الفعل متباينة، إذ استمتع بعض السكان بمشاهدة الكلب الروبوت يجوب الشوارع، في حين ذعر البعض الآخر منه.

وفي هولندا بدأت الشرطة استخدام كلاب روبوتية للبحث ضمن مختبرات تصنيع المخدرات، إذ تعتبر هذه المختبرات مكانا محفوفا بالمخاطر نظرا لوجود مواد خطرة فيها، بالإضافة إلى احتمال تعرضها لسطو مجرمين مسلحين، ولهذا اتخذ قرار إدخال الكلب الروبوت إليها قبل دخول رجال الأمن.

وفي سويسرا تطور شركة أنيبوتيكس (ANYbotics) كلابا روبوتية مخصصة للعمل ضمن البيئات الصناعية، وتلبي احتياجات شركات الطاقة، عبر تزويدها بكاميرات ضوئية وحرارية وميكروفونات وأجهزة استشعار للمراقبة والتحذير من الأخطار الناجمة عن الغاز والنفط. توفر هذه الكلاب الروبوتية إمكانية نقل البيانات التي تجمعها إلى وحدة تحكم بشرية وتحليلها عبر برمجيات متقدمة.

الكلاب الروبوتية المسلحة

أطلقت شركة غوست روبوتيكس الأميركية (Ghost Robotics) كلبا روبوتيا باسم فيجين 60 (Vision 60) تم تجهيزه بسلاح ناري بالتعاون مع شركة الأسلحة الصغيرة سورد إنترناشيونال (Sword International).

يتوافق هذا الكلب الروبوت مع منصات آلية مختلفة، ويستطيع تكبير المشاهد بصريا حتى 30 مرة، كما يستخدم كاميرة حرارة لدعم التصويب في الظلام ضمن نطاق يصل إلى 1200 متر.

الكلب السويسري أنيمول من شركة أنيبوتيكس (أنيبوتيكس)

انتشار الكلاب الروبوتية

حتى نهاية الربع الأول من عام 2021، نشرت شركة بوسطن دايناميكس وحدها أكثر من 500 كلب روبوتي للاستخدام في المجال الأمني ومراقبة مواقع البناء والمناجم والمصانع، كما بدأت شركات المرافق العامة استخدام الكلاب الروبوتية في مناطق الجهد العالي وغيرها من المناطق الخطرة.

ومن المتوقع أن يؤدي دخول الشركات الصينية على الخط، بطرحها لكلاب روبوتية منافسة للأميركية والأوروبية وبأسعار أدنى بكثير، إلى انتشارها بسرعة كبيرة.

قبل فترة قصيرة وفي أحد المراكز التجارية في العاصمة الرومانية بوخارست، عرضت شركة شاومي (Xiaomi) الصينية كلبها الروبوت سايبردوغ (CyberDog) الذي تقول إن مواصفاته تفوق مواصفات أشهر كلب روبوت أميركي يعرف باسم “سبوت” من إنتاج شركة بوسطن دايناميكس (Boston Dynamics).

يعمل هذا الكلب الروبوت الصيني بمحرك طورته الشركة يمكنه توفير سرعة مشي تبلغ 3.2 أمتار في الثانية أو 11.52 كيلومترا في الساعة.

ويحمل هذا الكلب الروبوت العديد من الكاميرات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والعديد من أجهزة استشعار الصور عالية الدقة مركبة في جميع أنحاء جسمه، بما في ذلك مستشعرات اللمس وعدسة عين واسعة للغاية.

يستطيع هذا الكلب الروبوت إجراء تحليلات في الوقت الفعلي لمحيطه، وإنشاء مسارات تنقله ووجهته، وتمكنه من تجنب العوائق على الطرق، والتدحرج، وأداء قلبات خلفية، والاستجابة للأوامر الصوتية (بفضل ميكروفوناته الستة).

ويمكن التحكم بهذا الكلب الروبوت عبر جهاز تحكم عن بُعد أو عبر تطبيق للهاتف الذكي، يتميز هذا الكلب الروبوت بكونه صغير الحجم ويزن 14 كيلوغراما فقط.

مستقبل الكلاب الروبوتية

يجري العمل حاليا على تطوير إمكانيات الكلاب الروبوتية بسرعة حثيثة. فالباحثون في جامعة ديوك الأميركية (Duke) طوروا نموذجا أوليا يستخدم الخلايا الجذعية الحيوانية لإنشاء “أنف إلكتروني” يشم ويكشف عن المتفجرات والمخدرات وغيرها من المواد المهربة، بما يحاكي أو يتفوق على قدرات الكلاب المدربة في هذا المجال، لكن النموذج النهائي لا يزال يواجه عقبات فنية يجب حلها قبل استخدامه عمليا.

ونجح الباحثون في جامعة كاليفورنيا بيركلي، في استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي المعروفة باسم التعلم المعزز (Reinforcement Learning) لتدريب الكلب الروبوت على المشي من الصفر في العالم الحقيقي، ولم يستغرق الأمر سوى ساعة واحدة حتى يتقن المشي، مما سينعكس مستقبلا على تكلفة الكلب الروبوت.

وبدأ تزويد الكلب الروبوت بإمكانيات التعرف على الوجه والصوت كي يتمكن من العمل بكفاءة كعين وأذن آلية حول المنشآت الحساسة.

أخيرا، لم نلحظ استخدام الكلاب الروبوتية لأهداف أمنية في أي بلد عربي، لكننا نتوقع أن يتغير ذلك قريبا، وأن تستخدم بشكل خاص في قطاع الإنشاءات المدنية والعسكرية.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply