أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ عالمية، وأطلقت أعلى مستوى من التأهب لديها في ظل حالة التفشي السريع لمرض جُدَرِي القردة في أكثر من 70 دولة حول العالم.

ويهدف وصف منظمة الصحة العالمية لجدري القردة بأنه “حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا” إلى دق ناقوس الخطر بأن هناك حاجة إلى تعامل دولي منسق ويمكن أن يفتح الباب أمام التمويل والجهود العالمية للتعاون في تبادل اللقاحات والعلاج.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحافي “قررت إعلان حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا” بمواجهة جدري القردة، موضحا أن الخطر في العالم معتدل نسبيا باستثناء أوروبا حيث يعتبر مرتفعا.

ومنذ مطلع مايو/أيار الماضي، عندما اكتشف المرض خارج البلدان الأفريقية حيث يستوطن، أصاب حوالي 17 ألف شخص في 74 بلدا، وفق تعداد للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها “سي دي سي” (CDC) حتى 22 يوليو/تموز الحالي، فضلا عن 5 وفيات في أفريقيا.

انقسام في المنظمة

وقال مصدران تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لرويترز في وقت سابق، إن أعضاء لجنة من الخبراء اجتمعوا يوم الخميس الماضي لمناقشة التوصية المحتملة انقسموا بشأن القرار، لكن القرار النهائي كان للمدير العام للمنظمة.

وقال المصدران إن اللجنة منقسمة الآن بين من يعتقدون أن إعلان الطوارئ من شأنه تسريع الجهود لاحتواء المرض، وبين من لا يعتقدون أن المعايير المذكورة أعلاه قد تحققت لأن المرض لم ينتشر بعد إلى مجموعات جديدة من الناس، إذ ينتشر الآن بشكل شبه كامل بين الرجال المثليين، ولم يتسبب في ارتفاع معدل الوفيات.

وأعلن غيبريسوس عن قراره إعلان حالة الطوارئ الصحية خلال تصريح لوسائل الإعلام في جنيف، وأكد أن اللجنة لم تتمكن من التوصل إلى توافق في الآراء، إذ أيد الإعلان 6 أعضاء وعارضه 9.

وأوضح غيبريسوس أنه تعين عليه التدخل حتى يكون الصوت المرجح لحل الخلاف حول إعلان تفشي مرض جدري القردة “حالة طوارئ صحية عالمية”.

وقال “على الرغم من أنني أعلن حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا، فإن هذا التفشي يتركز في الوقت الحالي بين الرجال المثليين، وخاصة أولئك الذين لديهم شركاء متعددون”.

وقال البيت الأبيض إن الإعلان يمثل “دعوة لاتخاذ المجتمع الدولي إجراءات لوقف انتشار هذا الفيروس”. وقال مدير مكتب التأهب للوباء في البيت الأبيض راج بنجابي إن “الاستجابة الدولية المنسقة ضرورية” لوقف انتشار المرض وحماية المجتمعات المعرضة لخطر الإصابة به.

وفي حالات مماثلة سابقة كان غيبريسوس يتبع دائما توصيات اللجنة، لكن المصدرين المطلعين قالا إنه قرر على الأرجح دعم أعلى مستوى من التأهب بسبب مخاوف من تصاعد حالات الإصابة ونقص المعروض من اللقاحات والعلاجات على الرغم من عدم تأييد الأغلبية.

وقال لورانس جوستين، الأستاذ في جامعة جورجتاون بواشنطن والذي يتبع منظمة الصحة العالمية، إنه أشاد بالشجاعة السياسية للمنظمة.

وأضاف أن القرار “ما هو إلا خطوة لتحسين مكانة منظمة الصحة العالمية، فالنتيجة الصحيحة واضحة، وهي أن عدم إعلان حالة الطوارئ في هذه المرحلة سيكون فرصة تاريخية ضائعة”.

واكتُشفت الزيادة غير العادية في حالات الإصابة بجدري القردة في أوائل مايو/أيار الماضي خارج بلدان وسط وغرب أفريقيا حيث يتوطن الفيروس عادةً، وقد انتشر مذاك في كل أنحاء العالم وشكلت أوروبا بؤرته.

انتشار بين المثليين

ويُعتبر جدري القردة الذي اكتُشف لدى البشر عام 1970، أقل خطورة وعدوى من الجدري الذي تم القضاء عليه عام 1980.

في معظم الحالات، يكون المرضى رجالا يمارسون الجنس مع رجال شباب نسبيا، ويعيشون بشكل رئيسي في المدن، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

وأكدت دراسة نُشرت يوم الخميس الماضي في مجلة “نيو إنغلند جورنال أوف ميديسين” -وهي الأكبر عن هذا الموضوع وتستند إلى بيانات من 16 دولة مختلفة- أن الغالبية العظمى (95%) من الحالات الحديثة تم نقلها أثناء اتصال جنسي وأن 98% من الحالات سُجلت لدى رجال مثليين وثنائيي الجنس.

وقال غيبرييسوس “يُمثل أسلوب الانتقال هذا في الوقت نفسه فرصةً لتنفيذ تدخلات صحية عامة مُستهدِفَة، كما أنه يمثل تحديا لأنه في بعض البلدان، تواجه المجتمعات المتضررة (من جدري القردة) تمييزًا يهدد حياة” أفرادها.

وحذر من أن “هناك قلقًا حقيقيا من أن الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال قد يتعرضون للوَصم أو اللوم على خلفية الارتفاع المفاجئ في الحالات، مما يجعل تعقب المرض ووقفه أمرًا أكثر صعوبة”.

وكتب أستاذ قانون الصحة الأميركي ومدير مركز منظمة الصحة العالمية لقانون الصحة لورنس غوستن على تويتر “جدري القردة خرج عن السيطرة ولا يوجد سبب قانوني أو علمي أو صحي لعدم إعلان حالة طوارئ صحية عامة دولية”.

واعتبر غوستن أنه إذا كان السبب في عدم إعلان حالة طوارئ صحية دولية “مرده أنها مقتصرة على مجتمع الرجال الذين يقيمون علاقات جنسية مع رجال، فهذا الأمر ينطوي على خطأ وفضيحة”.

تلقيح

وقالت وكالة الأدوية الأوروبية “إي إم إيه” (EMA) يوم الجمعة الماضي إنها وافقت على استخدام لقاح للجدري البشري، وتوسيع استخدامه ضد انتشار مرض جدري القردة. وبات هذا اللقاح مستخدما لهذا الغرض في كثير من البلدان، بما في ذلك فرنسا.

وحصل اللقاح “إيمفانكس” الذي تنتجه شركة “بافارين نورديك” الدانماركية، على مصادقة الاتحاد الأوروبي في العام 2013 لاستخدامه لمكافحة الجدري.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بتلقيح الأشخاص الأكثر عرضة للخطر وأفراد الرعاية الصحية الذين هم على تماس مع المرض.

وفي نيويورك تلقى حتى الآن آلاف الأشخاص اللقاح.

ويتم تسويق هذا اللقاح تحت اسم “جينيوس” في الولايات المتحدة، في حين يطلق عليه في أوروبا اسم “إيمفانيكس”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply