بعد العمليات الفدائية الفلسطينية في مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، تسلمت سلطات الاحتلال 33 ألفا و429 طلبا جديدا من قبل إسرائيليين للحصول على تصاريح حمل السلاح، بينما اتصل 14 ألفا و560 إسرائيليا بوزارة الداخلية الإسرائيلية، وأبدوا استعدادهم للحصول على هذا الترخيص.

القدس المحتلة- تعكس مشاهد إطلاق المصور الإسرائيلي موشي بن عامي النار على شاب فلسطيني قبل أيام، بزعم تنفيذه عملية طعن وإصابة مستوطن بجروح في القدس، استسهال الضغط على الزناد من قبل اليهودي صوب الفلسطيني، بذريعة “الخطر على الحياة” أو “الدفاع عن النفس”، وهي السياسة التي تؤشر إلى أي حد بلغت عسكرة المجتمع الإسرائيلي.

وجاء احتفاء الحكومة الإٍسرائيلية على رأسها رئيس وزراء تصريف الأعمال، يائير لبيد، بما قام به بن عامي، الذي يعمل مصورا صحفيا لموقع صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إذ وصف بـ”البطل”، ليعكس غياب الحدود بين المدني والأمني في المجتمع الإسرائيلي.

ويتوافق سلوك الصحفي الإسرائيلي المسلّح مع الإعلان الحكومي الرسمي عن تسليح الإسرائيليين عقب تنفيذ العمليات الفدائية الفلسطينية الأخيرة داخل الخط الأخضر، حيث أطلقت وزارة الأمن الداخلي في مارس/آذار الماضي، مشروع “حراس المنزل.. انضموا للحرس المدني الآن”، بغرض حثّ الإسرائيليين على حمل السلاح والتطوع في فرق “الحرس المدني”.

 

 

رخصة للقتل

وتشير إحصاءات وزارة الداخلية الإسرائيلية إلى أن 148 ألف مدني إسرائيلي لديهم ترخيص بحمل السلاح، وهذا لا يشمل الأسلحة الموجودة بحوزة شركات الحراسة الخاصة والجيش والشرطة، إضافة إلى عدد المتطوعين المدنيين في سلك الشرطة والأجهزة الأمنية الذي يُقدر بنحو 25 ألفا.

ويُعتبر توظيف “الأمن الشخصي” وتسليح المجتمع الإسرائيلي بمثابة رخصة لقتل الفلسطينيين، سواء داخل الخط الأخضر أو في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأداة لترويعهم وقمعهم وملاحقتهم وتضييق الخناق عليهم، في حالة تعكس “الترانسفير (الترحيل) المسلح” كما يسميها البعض.

وخلال فترة العمليات الفدائية التي نفذت في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان الماضيين، تم استلام 33 ألفا و429 طلبا جديدا من الإسرائيليين للحصول على تصاريح حمل السلاح، بينما اتصل 14 ألفا و560 شخصا في قسم ترخيص الأسلحة بوزارة الداخلية الإسرائيلية، وأبدوا استعدادهم للحصول على رخص لحمل السلاح.

نقطة تحول

وشكّلت أحداث ما عُرفت بـ”هبّة الكرامة” في مايو/أيار 2021، نقطة تحول بكل ما يتعلق بسهولة الضغط على الزناد، بالنظر للزيادة الملحوظة في الحوادث التي أقدم خلالها عناصر من الشرطة الإسرائيلية، ومستوطنين يهود بإطلاق النار على الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وفي القدس المحتلة.

ففي العاشر من مايو/أيار 2021، استشهد موسى حسونة من مدينة اللد برصاص عصابات المستوطنين التي كانت تنفذ اعتداءات واسعة ضد الفلسطينيين بالمدينة، وذلك تحت ذريعة الحراسة والدفاع وتوفير الأمن الشخصي لليهود، وجماعات “النواة التوراتية” المتطرفة الذين تم توطينهم بين الأحياء الفلسطينية في اللد.

واستشهد حسونة برصاص 5 مستوطنين مسلحين أطلقوا أعيرتهم من مسافة قريبة صوب شبان عرب، إلا أن ملف التحقيق الذي فتح بحق 4 من المستوطنين أُغلِق بذريعة عدم وجود أي ذنب.

كما أغلقت النيابة العامة الإسرائيلية الملف ضد المشتبه الخامس بحجة عدم توفر الأدلة لتثبيت تهمة إطلاق النار الذي تسبب بمقتل حسونة، مع تبني رواية المشتبه به بأنه أطلق النار دفاعا عن النفس وتفاديا للخطر على حياة اليهود.

وعقب ذلك، قدم مركز “عدالة” استئنافا باسم عائلة الشهيد حسونة ضد إغلاق ملف التحقيق بمقتل نجلها. ويستدل من المواد التي جمعها المركز الحقوقي أن هناك أدلة أكثر من كافية لتقديم المستوطنين للمحاكمة وإدانتهم بالقتل العمد، علما أن المختبر الجنائي رفض فحص المقذوفات والأعيرة النارية في جسد الشهيد حسونة.

“حراس اللد” مليشيا مسلحة لتوفير الحماية للمستوطنين في مدينة اللد (الجزيرة)

مليشيات اللد

مهد إغلاق الملف وتوفير المؤسسة الإسرائيلية الحصانة للمستوطنين مطلقي النار في مدينة اللد، إلى تشكيل عصابات المستوطنين مليشيات عُرفت باسم “حراس اللد”، بذريعة الدفاع عن الوجود اليهودي في المدينة المختلطة (يسكنها يهود إلى جانب أهلها الفلسطينيين) مقابل ما وصفته بـ”التهديد العربي”، ودعما لجماعة “النواة التوراتية” بإقامة بؤر استيطانية داخل الأحياء السكنية باللد القديمة التي يقطنها أغلبية من الفلسطينيين الذين تمكنوا من البقاء في أراضيهم بعد نكبة 1948.

ويهدف مشروع “حراس اللد” الذي ينطوي تحت مظلته المئات من اليهود المسلحين وأغلبهم ممن خدموا بالأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلى توسيع وتعميم نموذجه بتشكيل مليشيات حراسة يهود في تجمعات سكنية يهودية وبلدات مختلطة أخرى بذريعة “تعزيز الأمن والأمان للسكان”.

وفي سياق التبريرات الإسرائيلية لإحباط “الخطر الوجودي” الذي يشكله الفلسطينيون على اليهود، تجلت سهولة الضغط على الزناد في 22 مارس/آذار 2022، حين أقدم سائق حافلة إسرائيلي يدعى آرثور حيموف على إطلاق النار صوب منفذ عملية بئر السبع محمد أبو القيعان وقتله.

وعقب العملية، أعلن عن إقامة مليشيا بالنقب سُميت “سريّة بارئيل”؛ وتضم مئات المتطوعين المسلحين من المدنيين اليهود، وذلك بمبادرة حزب اليمين المتطرف “عظمة يهودية”، وبدعم من الشرطة الإسرائيلية وبلدية بئر السبع، بزعم “إنقاذ النقب من مشكلة انعدام الأمن”.

تسهيل قضائي

وفي 13 مايو/أيار 2020، استشهد الفلسطيني مصطفى محمود يونس برصاص حراس الأمن في مستشفى “تل هشومير” في تل أبيب، حيث كان برفقة والدته للعلاج، وأغلقت النيابة العامة الإسرائيلية ملف التحقيق مع حراس الأمن بذريعة أن ما حصل “عملية إرهابية”.

وأظهر شريط مصور أن حراس المستشفى أخرجوا يونس من المركبة، وأحاطوا به من جميع الاتجاهات وثبتوه على الأرض، ومن ثم قاموا بإطلاق 7 رصاصات عليه من مسافة قريبة، مما أدى إلى مقتله على الفور.

وزعم الحراس أن سجالا دار بين يونس ويهودي، وادعت الشرطة الإسرائيلية أن يونس حاول طعنه وقام أيضا بطعن أحد أفراد الحراسة في المستشفى.

ويوفر القضاء الإسرائيلي الغطاء لعمليات الضغط على الزناد عندما يوجه صوب الفلسطيني، إذ قضت المحكمة المركزية في بئر السبع في ديسمبر/كانون الأول 2021، بعقوبة مخففة هي العمل في خدمة الجمهور لمدة 9 أشهر على الإسرائيلي أرييه شيف، والذي أدين بقتل الفلسطيني محمد الأطرش رميا بالرصاص، بزعم أنه كان يحاول سرقة سيارته في بلدة عراد في منطقة النقب.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply