القدس المحتلة- تضع سلسلة العمليات المسلحة التي نفذت داخل الخط الأخضر إسرائيل أمام تحديات أمنية على مستوى القضية الفلسطينية؛ الأمر الذي من شأنه أن يؤدي لمواجهة شاملة تنذر باحتدام الصراعات الداخلية بين التيارات السياسية اليهودية، وذلك في ظل تعزز الشعور للإسرائيليين بفقدان الأمن والأمان وغياب الردع للأجهزة الأمنية.

وفي ظل تنامي شعور فقدان الأمن لدى الإسرائيليين، وفي محاولة لاستعادة الردع بظل العمليات المسلحة في بئر السبع والخضيرة وبني براك والتي أسفرت عن مقتل 11 إسرائيليا، رفعت الشرطة حالة التأهب للدرجة القصوى، على غرار ما كان بأحداث هبة الكرامة والعدوان الإسرائيلي على غزة في مايو/أيار من العام الماضي.

وفي مؤشر لعدم جاهزية الشرطة وإخفاق الأجهزة الأمنية بجمع المعلومات الاستخباراتية ورصد أي مؤشرات لتنفيذ عمليات مسلحة داخل إسرائيل، قال مسؤول كبير في الشرطة الإسرائيلية “هذا أكثر ما كنا نخشاه، انضمام فلسطينيين من الضفة إلى سلسلة الهجمات المسلحة، وهذه التطورات يستوجب القيام بخطوات أخرى”.

ومع غياب الردع والمخاوف من فقدان السيطرة وتعزيز سيناريو اندلاع مواجهات شاملة مع الفلسطينيين، تبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قلقها من سلسلة الهجمات المسلحة داخل الخط الأخضر، حيث تشير التقديرات الأمنية إلى أن هجوما آخر يمكن أن يخلق جوا متفجرا في شهر رمضان، داخل الخط الأخضر وبالضفة الغربية والقدس المحتلتين وقطاع غزة.

وتتأهب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للتعامل مع موجة مما تصفها بـ”الجرائم القومية” في الضفة الغربية أو بالمدن المختلطة داخل إسرائيل التي قد تنفذها عصابات “تدفيع الثمن” وعصابات “شبيبة التلال” اليهودية.

قوات من الجيش الإسرائيلي تقتحم جنين صباح اليوم الأربعاء بعد ساعات من عملية تل أبيب (رويترز)

على فوهة بركان

ويعتقد يوآف ليمور المحلل العسكري لصحيفة “يسرائيل هيوم” أن إسرائيل تعيش على فوهة بركان وفي حال انفجاره سيشعل الأوضاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وفي ظل المستجدات الأمنية والتوتر والعمليات المسلحة داخل الخط الأخضر، يقول ليمور “لا يوجد خيار أمام المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلا التصرف كما كان قبل 20 عاما بالخروج إلى عملية “السور الواقي 2″، وأخذ زمام المبادرة بالعمل بقوة ويد من حديد من أجل الدفاع عن الوطن”.

ولتبرير عرضه ضرورة القيام بعملية عسكرية بالضفة الغربية على غرار عملية السور الواقي في 29 مارس/آذار 2002، يستذكر المحلل العسكري العديد من الأحداث، وأبرزها عملية “الساحل – طريق القدس” عام 1978 والتي دفعت الجيش الإسرائيلي بالقيام بـ”عملية الليطاني”، وكذلك عملية “السور الواقي” واجتياح الضفة الغربية لقمع الانتفاضة الثانية.

وأوضح ليمور أن سلسلة الهجمات التي وقعت خلال الأسبوع الماضي تجبر إسرائيل على شن عمليات عسكرية، وذلك على الرغم من عدم وجود علاقة مباشرة بين منفذي العمليات في بئر السبع والخضيرة وهم من عرب الداخل ويحملون الجنسية الإسرائيلية، والعملية المسلحة في بني براك التي نفذها فلسطيني من الضفة الغربية الذي ربما تصرف بوحي واستلهام منهم.

فقدان السيطرة

وأشار إلى أن عدم وجود علاقة مباشر بين مختلف الهجمات يفقد القيمة والأهمية لأي علاقة بين العمليات، كون إسرائيل تتعرض لهجوم “إرهابي” متعدد الجبهات، حيث إن هجوما مسلحا يؤدي إلى هجوم آخر، وإن منفذا يلهم منفذا آخر، وهي ظاهرة مألوفة للأجهزة الأمنية وتكتسب زخما في عصر الشبكات الاجتماعية.

وفي قراءة سلسلة الهجمات المسلحة داخل إسرائيل، يقول المحلل العسكري إن “هذه الهجمات وبطبيعة الحال، تثير شعورا بفقدان السيطرة الإسرائيلية وعجز قوات الأمن، والشعور بعدم المسؤولية المطلقة، وكذلك يفعل بعض أعضاء الكنيست المنشغلين بالرقص على الدم”.

ولمنع التصعيد والمواجهة الشاملة، يعتقد ليمور أن إسرائيل مطالبة باستعادة السيطرة والردع، وذلك من خلال رفع حالة التأهب وتعبئة قوات الجيش الإسرائيلي ونشرها بالضفة الغربية وعلى طول حدود الرابع من حزيران، والعمل في أي مكان وفي أي وقت من أجل الإظهار للفلسطينيين، وكذلك للجمهور الإسرائيلي، بأن الأعمال تدار من القدس، وليس من قبل أي شخص يمتلك أسلحة ويخطط لتنفيذ الهجمات.

Friends and family mourn at the funeral of Avishai Yehezkel who was killed during an attack in the Israeli city of Bnei Brak, near Tel Aviv
محللون إسرائيليون يتحدثون عن حالة من عدم الشعور بالأمن لدى الإسرائيليين بعد عمليات الأسبوع الأخير (رويترز)

حالة طوارئ أمنية

وتواجه إسرائيل حالة طوارئ أمنية عقب سلسلة الهجمات المسلحة التي أتت بالتزامن مع الذكرى الـ20 لعملية “السور الواقي” واجتياح جيش الاحتلال الضفة الغربية عقب العمليات التفجيرية التي أسفرت عن مقتل وجرح المئات من الإسرائيليين.

وأعقب اجتياح جيش الاحتلال للضفة بناء جدار فصل عنصري على طول حدود الرابع من حزيران، حيث تفاخر قادة الأجهزة الأمنية بأن الجدار سيقمع الانتفاضة الثانية، ويسهم بتوفير مشاعر الأمن والأمان للإسرائيليين، كما سيمنع العمليات التفجيرية وتفجير الحافلات بالعمق الإسرائيلي.

وأوضح عاموس هرئيل المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” أنه خلال العملات المسلحة تمكن المنفذون من الوصول إلى مراكز المدن الإسرائيلية من دون عوائق وواصلوا عمليات إطلاق النار والقتل، علما أنه لم يسبق أي من الهجمات تحذير موجه.

الأمن الإسرائيلي يتلمس بالظلام

في الوقت الحالي، يقول هرئيل إن “المسلحين يتقدمون بخطوة واحدة على قوات الأمن الإسرائيلية، التي يتم تصويرها على أنها لا تزال تتلمس طريقها في الظلام، وهو ما يكشف عن تضرر شعور المواطنين بالأمن وفقدانهم للأمان”.

ويعتقد المحلل العسكري أن الأوضاع التي تعيشها البلاد في هذه الأيام شبيهة إلى حد كبير بالأوضاع التي سبقت اجتياح الضفة وعملية “الجدار الواقي” بسبب العمليات التفجيرية والانتحارية في الحافلات والمجمعات التجارية.

ويقول المحلل العسكري إن أحد الاختلافات هذه المرة يكمن “في نطاق توثيق العمليات المسلحة والسرعة التي تصل بها الفيديوهات إلى الشبكات الاجتماعية، وهي المشاهد التي تعزز فقدان الأمن للإسرائيليين وتغذي القلق وتزيد من الضغط على الحكومة للتحرك بسرعة وحسم الأوضاع الأمنية”.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply