تعرضت جولة دوق ودوقة كامبريدج في منطقة الكاريبي بمناسبة اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية لانتقادات بسبب ارتباط أفراد العائلة المالكة -تاريخيا- بالاستعمار والرق.

وجاء في رسالة مفتوحة من قبل شخصيات عامة جامايكية “لا نرى أي سبب للاحتفال بمرور 70 عامًا على صعود جدتك إلى العرش البريطاني لأن قيادتها وقيادة أسلافها قد أرست أكبر مأساة لحقوق الإنسان في تاريخ البشرية”، وشملت ردود الفعل مطالبات بالتعويض عن حقبة الاستعمار والعبودية.

ولطالما وصفت الإمبراطورية البريطانية بأنها لا تغيب عنها الشمس، فقد شمل نفوذها بلدانا عديدة، أبرزها معظم الهند ومناطق أفريقيا الكبرى وشمال وجنوب أفريقيا، وتوسعت أيضا وراء البحار في آسيا والأميركتين.

لكن ما علاقة الملكية البريطانية بالعبودية والاستعمار؟ وكيف استفادت من أنظمة الاستغلال والمصادرة هذه؟ يحاول مقال منشور بموقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation) للأكاديمية لورا كلانسي بجامعة لانكستر الإجابة عن هذه الأسئلة.

1 – تمويل رحلات الرق

كان النظام الملكي البريطاني محوريا لتأسيس وتوسيع وصيانة الإمبراطورية البريطانية وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي. تم إعلان الإمبراطورية الإنجليزية لأول مرة من قبل الملك هنري الثامن عام 1532، ومنحت الملكة إليزابيث الأولى (1533 – 1603) ميثاقًا ملكيًا للسيد جون هوكينز، الذي يُعتبر على نطاق واسع أحد أوائل التجار الإنجليز الذين استفادوا من تجارة الرقيق. كما منحت ميثاقًا لشركة الهند الشرقية البريطانية في عام 1600.

بعد وفاة إليزابيث أسس تشارلز الثاني الشركة الملكية الأفريقية (Royal African Company) في عام 1660 بقيادة دوق يورك (لاحقًا جيمس الثاني)، والتي استخرجت سلعًا مثل الذهب والعاج من الساحل الذهبي شرقي أستراليا، كما نقلت أكثر من ثلاثة آلاف أفريقي إلى بربادوس. وتم كي جلود الكثير من هؤلاء بالحرفين “DY” للدلالة على انتمائهم إلى دوق يورك، وقد استثمر الرجلان أموالاً خاصة في الشركة.

تقلدت الملكة فيكتوريا لقب إمبراطورة الهند في عام 1877، وبحلول عام 1920 امتدت الإمبراطورية على مساحة 13.71 مليون ميل مربع. وقد نشأت الأهمية العالمية للمُلك البريطاني وقوته مباشرة من استعباد الملونين.

2 –  الكومنولث

الكومنولث هي منظمة تتكون من 52 دولة عضو “مستقلة ومتساوية”، وبرغم ادعاء “الاستقلالية” هذا فإن للكومنولث أصولا إمبراطورية حيث أن العديد من الدول الأعضاء في المنظمة هي مستعمرات سابقة للإمبراطورية البريطانية. ويصف خبير الكومنولث فيليب مورفي الطريقة التي تحولت بها الإمبراطورية إلى منظمة بأنها “عشوائية”.

الملكة هي رئيسة الكومنولث وتم تعيين الأمير تشارلز خلفًا لها في عام 2018. لكن المنصب ليس وراثيا ولا يوجد سبب دستوري أو قانوني لتولي تشارلز هذا الدور. يسمح دور رئيس الكومنولث للملك بمواصلة دوره المتسم بالامتياز والنفوذ الدولي والذي ينبع من التاريخ الاستعماري.

3 –  الملكة كرئيسة للدولة

شكل إعلان لندن لعام 1949 الذي حدد موقع الهند في الكومنولث كجمهورية، سابقة لدول المنظمة في تبني النظام الجمهوري. لكن اليوم لا تزال 15 مملكة دستورية مع إليزابيث الثانية كرئيسة للدولة، بما في ذلك جزر بالكاريبي مثل جامايكا ودول بأميركا الجنوبية مثل بليز ودول أفريقية مثل غانا وكندا وأستراليا.

ومنذ عام 1842 عينت كل دولة حاكما عاما محليا كممثل للملكة مع صلاحية اقتراح التشريعات والموافقة أو رفض إثبات مشاريع القوانين وحل البرلمان. على الرغم من أن الملكة ليس لديها سيطرة سياسية “مباشرة” في هذه المجالات لكن سلطة الحكام العامين يمكن تفسيرها على أنها ترمز لسلطة إدارية ملكية متواصلة.

4 –  الأملاك والأراضي والبضائع

بعد تقرير منظمة “ناشونال تراست” (National Trust) المعنية بشؤون الحفاظ على التراث في إنجلترا وويلز وأيرلندا الشمالية، عن تاريخ العبودية والاستعمار في مقتنياتها وممتلكاتها، أعلنت الأمينة الرئيسية للقصور الملكية التاريخية، لوسي ورسلي، عن فتح تحقيق مماثل في القصور الملكية عام 2020.

وقالت ورسلي إن جميع المقتنيات التي استخدمتها سلالة ستيوارت في القرن السابع عشر “سيكون بها عنصر مال مقترن بالعبودية”. ويشمل ذلك قصر كنسينغتون وقصر هامبتون كورت اللذان لهما صلات بالملك ويليام الثالث، وهو مالك جزئي آخر في الشركة الملكية الأفريقية.

ناهيك عن البضائع المملوكة الآن للملكية التي سُرقت أثناء الاستعمار، مثل ألماس كوهينور (Koh-i-Noor) من الهند الذي استخدم في جواهر التاج وطالبت كل من باكستان والهند مراراً إعادتها.

5 –  “عائلتنا الإمبراطورية العظيمة”

في خطاب ألقته عام 1947 في جنوب إفريقيا، أعلنت الأميرة إليزابيث آنذاك أنها ستكرس حياتها “لخدمة عائلتنا الإمبراطورية العظيمة التي ننتمي إليها جميعا”ً. ويعكس مفهوم “العائلة الإمبراطورية” فكرة الملكية البريطانية كرمز لإمبراطورية متشبعة بأيديولوجيات تفوق البيض والاستعمار.

تلعب هذه الفكرة أيضا دوراً في الزيارات الدولية الملكية، وقد كان تاريخيا لهذه الزيارات أبعاد استعمارية من خلال تصوير الملك على أنه “المنقذ الأبيض”.

وتشير الباحثة في الإعلام راكا شومي كيف أصبحت الأميرة ديانا مثلا رمزًا لذلك في صورها وهي تلعب مع الأطفال السود وتعتني بهم في أفريقيا، وهو أمر يمكننا أن نراه يتكرر مرة أخرى هذا الأسبوع في صور دوق ودوقة كامبريدج وهما يمدان أيديهم لمصافحة سكان جامايكا من وراء سياج سلكي.

وترى الكاتبة، أن زيارات كهذه تحاول إعادة كتابة التاريخ الاستعماري والإمبراطوري من خلال خطابات العمل الخيري والمجتمع العالمي، مع اعتبار أفراد العائلة المالكة “رأس” الأسرة العالمية، وهي في جوهرها حملة علاقات عامة جيدة للنظام الملكي البريطاني.

المصدر: وكالات

Share.

محرره صحفية من ريف حلب سوريا خريجة اعلام من جامعة دمشق 2016

Leave A Reply